آخر الأخبار
Loading...
الخميس، 20 يونيو 2013






تقديم:
عندما يتساءل الإنسان عن شيء ما أو ينتبه من غفلته أو نومه أو يفكر في ذاته أو وجوده ٬
يلجئ إلى وعيه و إدراكه التلقائي ٬ فوعي الإنسان يحظر كلما تساءل عن ذاته و حاول معرفتها ٬ لذا نقول أن الغنسان يتميز عن الإنسان بالوعي بالذات... و من النحية اللغوية كلمة وعي مصدر مشتق من فعل وعى يعي ٬ فنقول وعى الشيء : جمعه ٬ و الحديث : تدبره و حفظه ٬ و نقول وعى الشخص أي انتبه من نوعه و في اللغة الفرنسية كلمة conscience أصلها لاتيني con-scientia وتعني شعور و وعي مصحوب بعلم و معرفة.
هكذا نلاحظ أن لمفهوم الوعي دلالات متنوعة قد يكون الوعي هو العقل او الشعور في مقابل اللاوعي. الذي يعتبر لفظها مناقضا في ظاهره لكن يصعب إدراك القول بوعي اللاوعي ٬ باعتباره لا شعور نفسي ٬ و بالتالي تبقى الإشكالية المطروحة :
ما هو الوعي ؟ و ما دلالاته ؟
يميز La lande في معجمه التقني لللمصطلحات الفلسفية بين مستويين عامين في الدلالة الوعي.
مستوى نفسي :
-         حدس الفكر لحالاته و أفعاله.
-         الوعي هو حالات الإحساس الاولي للفكر -)وعي تلقائي : خالي من التركيز – وعي تأملي : تركيز و تذكير...)
-         مجموع الظواهر النفسية الخاصة بفرد أو جماعة.
مستوى اخلاقي :
يدل على خاصية الفكر الذي يصدر بواسطتها أحكاما معيارية  حول القيمة الأخلاقية لبعض الأفعال. من خلال الوعي الأخلاقي يشعر الإنسان بمسؤوليته سواء تجاه افعاله أو افعال غيره ٬ نلاحظ أن إشكالية الوعي في المجال الفلسفي تنطلق من المستوى النفسي أي الوعي كمعرفة مباشرة أو إدراك و في هذا المجال يمكن أن نحدد الوعي بمعنيين : 
-         معنى بسيط : الوعي هو إدراك لموضوعات و أشياء العالم الخارجي أي الإستجابة لمثيرات العالم الخارجي .
-         معنى معقد : الوعي إدراك ما يجري داخل الذات من خبرات و تجاري و أنفعالات.
ومن هنا نلاحظ أن بهذا الوعي يرسم الإنسان لذاته مسافة مزدوجة :
-         مسافة بين الإنسان و العالم الخارجي .
-         مسافة بين الغنسان و ذاته .
هكذا يدخل الإنسان في علاقات معقدة مع ذاته و مع الغير و العالم الآخر٬ و بالتالي يصعب إعطاء معنى محدد و نهائي للوعي و يبقى الإشكال المطروح كالتالي :
·       ما علاقة الوعي بالإدراك الحسي و الشعور ؟
·       متى يكتسب الإنسان وعيا بذاته ؟
·       هل الوعي يحقق معرفة بالذات بمعزل عن العالم الخارجي و الواقع الإجتماعي؟
·       هل للوعي علاقة بالزمن بمعنى ها هو مرتبط بالذاكرة أم يتطلع إلى المستقبل ؟
·       ما علاقة الوعي بمفاهيم أخرى كالوهم و الخيال و اللاوعي ؟
·       هل لللاوعي دور في تكوين شخصية الإنسان ؟










المحور 1 :   الإدراك الحسي و الشعوري
تحليل نص ديكارت :
الأنا و الوعي :
 -Iشرح المفاهيم : 
ü    الأنا : الذات المفكرة حسب ديكارت  و النفس المدركة يتصور ابن سينا الذي يقول المراد بالنفس ما يشير إليه كل أحد يقول "أنا"
ü    الفكر : بالمعنى السيكولوجي النشاط النفسي في مجموعه (الإدراك ٬ الإحساس ٬ التخيل ٬ التذكر) و بالمعنى المنطقي النشاط العقلي التأملي المنظم الهادف إلى ترتيب أمور معلومة لمعرفة أشياء مجهولة و ذلك عن طريق ترجمة الواقع إلى مفاهيم و أفكار يتم بناؤها و تركيبها ذهنيا.
ü    البداهة : هو كل ما هو واضح بذاته و لا يحتاج إلى برهان أو حجة بل إنه يفرض ذاته على العقل و لا يحتمل أي شك.

II- تحليل نص ديكارت :
1)   القضية التي يعالجها النص :
علاقة الأنا بالوعي.
2)   طرح الإشكالية :
o      ما معنى الوعي عند ديكارت ؟ هل هو شعور ذاتي أم إدراك حسي مباشر؟
o      ما العلاقة بين الأنا و الوعي ؟
o      هل الوعي بالذات حقيقة بديهية ؟
3)   الأطروحة :
الأنا ذات و اعية مرتبطة بالوعي الذي يعتبر حقيققة بديهية
4)   المضامين الأساسية :
-         تساؤل ديكارت عن طبيعة الأنا.
-         الانا ذات تقوم بجميع عمليات التفكير من شك و تصور و تخيل و تذكر ...
-         إبراز ديكارت أن الأنا حقيقة بديهية و جوهر مفكر.
III- خلاصة تركيبية :
يبتدأ ديكارت نصه بتساؤل أساسي وهو "أي شيء أنا" أي بدأه بالشك و الشك عملية فكرية٬
و من هذا الشك توصل ديكارت أنه كائن موجود ٬ وهذا شيء يقيني و لا شك فيه.
لكن ما حدود هذا الوجود ؟
يرى ديكارت أن الوجود مرتبط بالذات المفكرة بمعنى إذا إنقطع الإنسان عن التفكير سوف ينقطع عن الوجود بتاتا. ومن خلال النسق الديكارتي نستنتج أن جوهر الإنسان هو التفكير
و هذا التفكير لا ينفصل عن الذات المفكرة حيث يشير ديكارت في كتابه تأملات ميتافيزيقية بأن معرفة النفس أو الأنا المفكرة مستقلة تماما عن الحواس بل إنها أشد يقينا من المعرفة الحسية ٬ فالتفكير وحده يقود الأنا إلى الوعي بوجودها و ذلك انطلاقا من الشك ٬ فلقد ذهب ديكارت بالشك إلى مداه الأقصى ليعثر على يقين واحد و هو فعل الشك نفسه و الذي يصبح الدليل الوحيد على و جود الفكر و منه الكائن المفكر.
كما أن ديكارت استحضر فرضية الإله أو الشيطان الماكر الذي يريد تضليل الإنسان فيوهمه بأنه موجود لكن تامل هذا المعطى ٬ فالإه أو الشيطان لا يمكنه تضليل المعدوم ٬ بل الكائن الموجود فعلا. هكذا تتميز الأنا الواعية عند ديكارت بخاصية التفكير و بطهارتها من كل أثر الحس ٬ لكن ديكارتفي مستوى آخر يتعامل مع الأنا الواعية المفردة المعزولة عن كل سياق إجتماعي أو ثقافي ٬ وعن كل مضامين معرفية ٬ و إن نظرة واحدة للتصور الديكارتي يوضح لنا أولوية الفكر على الوجود (الكوجيطو)...
هكذا اصبحت الذات منتجة لحقائق مطلقة لا يرقى إليها الشك لكن ألسنا أمام هذا الإعلاء للذات ننفي بعدا اساسيا من أبعاد الوعي؟ وهو البعدالخاص بالزمن ٬ لأن الذات تعيش تاريخا نفسيا خاصا ٬ فما يميز الإنسان كوعي هو غستناده إلى الذاكرة و إلى الماضي و غنفتاحه على المستقبل يقول بركسون : 'الوعي صلة بين ما هو ماضي و ما هو آت'
ومعنى ذلك أن حقيقة الوعي موجودة في ذاتية كل وعي شخصي ٬ فالوعي هو ديمومة (أي صيرورة) يصعب التمييز فيه بين الماضي و الحاضر و المستقبل.
أما التيار الثالث فهو التيار التجريبي الذي يمثله دافيد هيوم و جون لوك و هو يرى ان المعرفة ممكنة و لكنها محدودة بحدود الحواس ٬ هكذا فإن سبيلنا الوحيد للمعرفة هو العالم الحسي بما فيه من وقائع و جزيئات تخضع لحواسنا ٬ هكذا نستنتج أن كل من تصور ديكارت و دافيد هيوم يعكسان إتجاهين مختلفين في النظر إلى المعرفة في تاريخ الفلسفة.
المحور 2 : الوعي و اللاوعي
1/ تحليل نص كانط :
الأنا و الوعي :
I-                شرح الكلمات :
ü  الأنا : هي الذات الفردية و الجوهر المفكر ٬ و في التحليل النفسي (التحليل السيكولوجي) الأنا يحدد التوازن بين الميولات الغريزية (الهو : Ca) و الوعي الإجتماعي الموجود فينا (الأنا الأعلى : Le sur moi).                       وبصفة عامة فإن الأنا في الفلسفة مبدأ كل تأمل.
ü  الشخص : الإنسان كذات واعية بوجودها و حريتها ٬ و الشخص عند هيغل جوهر و ماهية أي ذات تتمتع بالعقل و الحرية و الإدراك. بينما الشخصية هي التعبير الخارجي عن حقيقة و ماهية الشخص.
ü  اللغة  :هي منظومة رمزية ٬ خاصة بالإنسان و ذات وظائف تواصلية و تعبيرية و معرفية ٬ بالإضافة إلى كونها حاملة للثقافة.
ü  الحدس : رؤية مباشرة لموضوع حاضر أما الذهن ٬ أي معرفة مباشرة بموضوع لا يتخللها وسائط و تنفذ في صميمه و بذلك فهو يأتي مقابل الإستدلال كمعرفة غير مباشرة و يتنوع الحدس :
Ø    حدس حسي : و هو إدراك حسي مباشر لشيء حاضر أمام الحواس.
Ø    حدس عقلي : وهو إدراك فكرة أو حقيقة عقلية مباشرة دون إستدلال أو برهان.
Ø    حدس وجداني : وهو معرفة تتم بواسطة المشاركة الوجدانية او التعاطف.
II-            تحليل نص ديكارت :
1)    القضية التي يعالجها النص :
القضية التي يعالجها النص هي مسألة الوعي بالذات الذي يمنح الإنسان قيمة و كرامة.

2)   طرح الإشكاليات :
·       بأي شيء يسمو الإنسان عن باقي الكائنات ؟
·       ما هي المقومات التي تشكل أساس تميز الإنسان عن الحيوان ؟
·       متى يبدأ الوعي بالذات ؟
·       لماذا يعتبر كانط أن النطق بالأنا مرحلة حاسمة في حياة الإنسان ؟
3)   أطروحة النص :
يتميز الإنسان عن الحيوانات و لاأشياء بقدرته على تصور ذاته و وعيه بها و هو ما يجعله كائنا حرا مسؤولا و ذا كرامة لا تقدر بثمن و يرتبط الوعي بالذات بالنطق بلفظ "أنا" أو على الأقل إمتلاك تصور عنها.
4)   المضامين الأساسية :
·       امتلاك الإنسان القدرة على التفكير و التمييز و نطقه بكلمة "أنا" يجعله متميزا عن باقي الكائنات.
·       النطق بكلمة "أنا" شيء ضروري و حاسم في حياة الإنسان فحتى العاجز عن قولها فإنها تكون ماثلة في فكره. وهي لها نفس المعنى ٬ رغم اختلاف اللغات.
·       عندما ينطق الإنسان بالأنا ٬ ينتقل من مرحلة الإحساس بالذات ٬ إلى مرحلة الوعي ٬ حيث يصبح له كيان خاص به.
5)   خلاصة تركيبية :
من خلال تعريفنا لمفهوم الوعي نلاحظ أن له دلالات متنوعة و مختلفة.
قد يكون الوعي هو العقل أو الشعور و لاغحساس في مقابل اللاوعي باعتباره شعور نفسي و لا واعي و بالتالي تبقى الإشكالية المطروحة ماهو الوعي ؟ ها هو أساس الحياة الواقعية؟
و متى يبدأ هذا الوعي لذا الإنسان ؟ و ما علاقة الوعي بالغريزة ؟
إذا إنطلقنا من أطروحة كانط أنه يرى ان الإنسان يتميز تميزا جوهريا. بل يسمو على الكائنات بقدرته على التفكير و الوعي بالذات و هذهالخاصية تجعل الغنسان يتمتع بشخصية لها قيمة و كرامة ٬ و الوعي بالذات يبدأ بنطق الإنسان بكلمة أنا التي تكون ماثلة في فكر الإنسان العاجز عن نطقها. إذن فإن النطق بأنا مرحلة حاسمة في حياة الإنسان ٬ إذا تجعله ينتقل من مرحلة الإحساس بالذات إلى مرحلة أسمى ٬ وهي مرحلة التفكير و الفهم والإدراك حيث يصبح الشخص واحدا و فريدا و متميزا عن الآخرين بمعنى له هوية خاصة به تميزه وسط عالم متعدد ومتنوع ٬ و الإنسان يسعى دائما للحفاظ على هذه الهوية رغم  التحولات التي تطرأ عليه في حياته... ونشير أن كانط أحد فلاسفة الوعي و الشعور ٬ لأنه مجد الوعي و منحه سلطة الحضور. وأنه متمكن من ذاته و قادر على إنتاج معرفة موضوعية ٬ كما أنه مبدع لعالم داخلي لأنا مسؤولة. و بالتالي يعتبر الوعي من هذا المنظور نموذج لكل حقيقة ممكنة ٬ لكن هل ما يتوصل إليه الوعي حقيقة مطلقة ؟ و هل هذا الوعي واضح
و مكتمل بما فيه الكفاية ؟ 
في سياق نقد فلسفة الوعي قامت قراءة مغايرة أسست تأويلا جديدا للمعنى و شككت في الإنتاجات و المعاني المباشرة للوعي هذه القراءات توضحت معالمها في حقول نظريات علمية و فلسفية مختلفة ضمت أسماء كل من نيتشه و ماركس و فرويد.
فبالنسبة لنيتشه الوعي شيءها مسي و أصغر جزء في التفكير٬ بل أضعف أنواع التفكير٬  و بهذا يؤكد أن الغريزة قوة فاعلة و أقوى من الوعي و هي التي تحدد حياة الإنسان و تتحكم فيه...
أما النظرية الماركسية ٬ فترى  أن الوعي ما هو إلا إنعكاس للعلاقات الإجتماعية و العوامل المادية التي تجمع بين أعضاء المجتمع و بالتالي ٬  فالوعي ليس شيئا مستقلا عن الواقع الذي نعيشه ٬ و بهذا يكون ماركس قد فضح الطابع الوهمي للوعي المشكل من قبل الإيديولوجية السائفة و إعتبره وعيا زائفا...
وإن كان الوعي كما وضحه نيتشه و ماركس منبع العديد من الاوهام فإنه ايضا ضروري لإزالة العديد من الأوهام و في هذا الصدد نفهم قولة فرويد >>حيث يوجد الهو٬ يجب أن يوجد الأنا<<









اللاوعي :
مشروعية فرضية اللاوعي :
تحليل نص سيفموند فرويد :
1)   قضية النص :
تأكيد فرويد لضرورة مشروعية فرضية اللاوعي العلمية.
2)   شرح الكلمات :
ü    الفرضية :  تعني في الرياضيات قضية تؤخذ بوصفها نقطة إنطلاق عملية البرهنة ٬ أما في العلوم التجريبية فتشير إلى قضية تقترح لتفسيرها ظاهرة ما.
ü    اللاوعي : مصطلح إستعمله فرويد في النظرية الثانية و هو يرادف اللاشعور و يدل على مجموع الأحوال النفسية الباطنة التي تؤثر في سلوك الفرد و إن كانت غير مشعر بها.
ü    الضرورة : هي ما يمكن أن يكون و الضرورة في المجال العلمي يؤدي إلى معنى الحتمية أي إثبات العلاقات النسبية بين الظواهر و نفي الإضطراب و العشوائية في حدوثها حيث توقعها بمعرفة أسبابها و شروطها.
3)   الأطروحة :
هناك كثير من الأفعال الإنسانية و أفكاره لا يمكن تفسيرها إنطلاقا من الوعي بل هي صادرة من دوافع لا واعية. و هذا ما يجعل فرضية اللاوعي ضرورية ٬ خصوصا و ان الممارسة الطبية أباحتها و أتبتت مشروعيتها.
4)   المضامين الأساسية :
-         اللاوعي فرضية مشروعة و ضرورية رغم الإعتراض عنها و بذلك وجود حجج تؤكد هذه الفرضية.
-         فرضية اللاوعي ضرورية بإعتبارها منطقة الوعي ناقصة جدا و ذلك لعدم قدرتها على تفسير مجموعة من السلوكات النفسية.
-         لتفسير هذه الافعال يجب إرجاعها إلى أصلها و هو اللاوعي.
-         تأكيد فرويد صحة فرضيته بإعتبار اللاوعي فرضية و ممارسة موفقة ناجحة.
5)   خلاصة تركيبية :
من خلال تحليلنا لهذا النص نلاحظ أطروحته تتمحور حول نظرية علمية نفسية تربط الأفعال الواعية و الدوافع اللاشعورية حيث تقر بأن هناك علاقة وطيدة بين الوعي و اللاوعي  كفرضية مشروعة ٬ كما تؤكد أن الوعي ناقص و لا يعكس لنا حقيقة الحياة  النفسية للإنسان و إنما يحجبها و يظللها و هذه الحقيقة تتجلى لنا من خلال عمل اللاشعور الذي يظهر بطريقة غير مباشرة أو رمزية.
ويبرهن فرويد على ذلك بإعتباره أن الأحلام التي يراها الإنسان في نومه هي في الحقيقة إشباعا رمزيا لرغبات لا شعورية حيث تقل رقابة الوعي و الضمير الأخلاقي .
ولقد لجافرويد في نصه إلى بنية حجاجية أساسها التفنيذ والتفسير و التعليل ٬ حيث فنذ (كذب) التصور الذي يرى أن الوعي جوهر الأنا المفكرة و يمثل الذات الواعية حسب قول إيريك فايل   >>كل ما يمكن الإنسان أن يقول عن ذاته و هو في حالة الوعي هو أنا موجود<<
خلافا لذلك نجد المحلل النفساني فرويد يعلل نظريته العلمية و ذلك إنطلاقا من التجارب العيادية التي قام بها حول مرض الهستيريا ٬ حيث إكتشف أن هناك منطقة لاشعورية (الهو أو الليبيدو) وهي تخضع لمبدأ اللذة ٬ أما الأنا الواعية فيخضع لمبدأ الواقع و لكنه يعمل على تمويهتلك الإندفاعات المتواصلة في الإنسان.
إذن فلاشعور من خلال هذا المنظور هو سجل خاص بتاريخ الإنسان يتحكم في شخصيته و يشتغل في مناطق متعددة من وجوده في ذكريات الطفولة ٬ في اللغة ٬ في العادات و التقاليد و في كل الأثار التي يحتفظ بها على حد تعبير جاك لاكان (فيلسوف لا شعوري).
هكذا نلاحظ أن النظرية الفرويدية قد أحدثت إنقلابا جذريا في مفهوم الوعي ٬ فبعد أن كان ينظر كوسيلة لإثبات هوية الذات و تميزها ٬ أصبح الوعي منطقة صغيرة في شخصية الإنسان تحاول تمثيل العقل في سلوك الإنسان ٬ و من أجل أن ينسجم مع مبدأ الواقع و ليضمن أمنه و سلامته فهو يلجأ إلى التضليل و التزييف و الذهاء (المكر) و يوهمنا بالحقيقة٬  ومن هنا نتساءل :
ما علاقة الوعي بالوهم و بالخيال ؟





المحور 3 : الإيديولوجيا و الوهم
تمهيد :
إن أول لحظة إدراك الإنسان لذاته هي لحظة الإدراك الحسي أي وجود حس بإعتباره يشكل وحدة بناء بيولوجي ٬ و بإمكاننا أن ننظر إلى الوضعيات الشخصية الواعية بإعتبارها نتاجا لنمو سابق تمتد جذوره إلى الماضي السحيق للفرد (السنوات الأولى) ٬ و حسب كانط الوعي بالذات يبدأ بالنطق بأنا ٬ لكن الإنسان لا يمكن أن يعيش كذات منعزلة و منغلقة ٬ فهو يتفاعل مع الآخرين سلبا و إيجابا لذا فكل ذات واعية تتحكم فيها أوضاع إجتماعية و ثقافية و من هنا تصح قولة ماركس "ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم ٬ بل إن واقعهم هو الذي يحدد وعيهم" ومن هنا نتساءل :
-         هل بإمكان الوعي أن يمنحنا صورة حقيقية عن ذواتنا و واقعنا ؟
-         ألا تتدخل الإيديولوجيا و الوهم في تزييف الوعي و قلب صورة الواقع ؟
-         هل الإيديولوجيا منظومة من الأفكار و التمثلات الواعية المعقلنة ٬ أم أنها على غرار الإنساق الميتولوجية هي أحد عناصر المشكلة للإسهام في التنظيمات الإجتماعية ؟  


مقاربة تحليلية لنص بيكون :
الاوهام المحدقة بالعقل البشري :
1)   قضية النص :
يندرج النص ضمن موضوع الوعي و بالضبط  علاقته بالوهم و الإيديولوجيا.
2)   شرح المفاهيم :
ü    الإيديولوجيا : Idéologie تتكون من Idée فكرة و Logie  علم أي علم الأفكار. أول من وضع الكلمة هو دوست دي تراسي ٬ ما بين 1754 و 1836    و قد  إستعملها بديلا عن كلمة بسيكولوجي لكن الكلمة إستعملت بعده في معاني متعددة :
إستعملها نابليون لنعت بعض خصومه السياسيين ٬ كما إستعملت الكلمة مرادفة Hutopie  إيتوبيا (طوباوي) كما إستعملت للدلالة على كل تفكير لا يرتبط بالواقع و لا يؤدي إلى نتيجة عملية. و الماركسية هي التي أشاعت إستعمال هذه الكلمة حيث أخذها ماركس في شبابه مقابل الوعي الزائف أو مفهوم الإستيلاب.
ü    الوهم : المستوى الأول للوهم هو الوهم البصري ٬ حيث يرى الشخص الأشياء على غير ما هي مثاله إدراك أن العصا المغمورة في الماء مكسورة. أما على المستوى النفسي ٬ يبين فرويد أن الوهم – عكس الخطأ – يرتبط بالرغبة أي بالحاجة إلى الإشباع ٬ منها يستمد قوته و حضوره في النفس.
3)   طرح الإشكاليات :
·       هل الإنسان يعي كل أفعاله ؟
·       ما هي طبيعة و مميزات الأوهام التي تهدد العقل البشري في سعيه لإنتاج معرفة موضوعية ؟
·       هل الوعي شفاف يعبر عن حقيقة الذات ؟
·       كيف تتدخل الإيديولوجية في تزييف الواقع و تشويهه ؟
4)   أطروحة النص :
ميز بيكون الاوهام المحدقة بالعقل البشري من خلال تقسيمها إلى أربعة أقسام :
-         الأوهام العامة .
-         الأوهام الذاتية أو أوهام الكهف .
-         أوهام الجماعة .
-         الأوهام المذهبية .
5)   المضامين الأساسية :
Ø    تصنيف بيكون للأوهام التي تهدد العقل البشري و هي أربعة أوهام .
Ø    أوهام القبيلة : هي أوهام مشتركة محايثة (ملتصقة) للعقل البشري تتدخل لتشويه و تزييف الحقائق لأن العقل هو الذي يقيم الأشياء الموضوعية و يضفي عليها طابعه الخاص .
Ø    أوهام الكهف : أوهام ذاتية تخص كل فرد مصدرها المعارف و النمادج التي يتخذها كل فرد . فتصبح سلطة عليه توجهه .
Ø    أوهام السوق : أوهام جمعية ناجمة عن العلاقات الإجتماعية في شكل تواصل لغوي و هذه اللغة لا تعبر بشكل واضح عما يجول في الذهن .
Ø    أوهام المسرح : هي أوهام ترجع تمثل الناس للمعتقدات و العلوم النظرية مما يؤدي إلى خلق عوالم وهمية مثل تلك العوالم التي ينتجها مسرح العرائس .

6)   خلاصة تركيبية :
إذا انطلقنا من إشكالية : كيف يعمل الوعي على المستوى الفردي و الإجتماعي ؟ و هل الوعي شفاف و واضح بكشف لنا حقيقة الواقع ؟
نلاحظ أن هذا النص  يرى أن الوعي لا يكشف لنا حقيقة الواقع بقدر ما يشوهها و يقبلها و بالتالي يصبح وعيا زائفا . و نستخلص ذلك من خلال تشخيص النص للأوهام التي تحدق بالعقل البشري فتشوه المعرفة و تغير شكلها و تؤدي إلى الخلط و التناقض و بناء عوالم
وهمية عوض إنتاج معرفة موضوعية . وقد إعتمد بيكون في توضيح علاقة الوعي بالوهم  و التزييف على بنية حجاجية خاصة تقوم بتصنيف مراتب الأوهام وتشخيصها كل على حدة مستعملا بعض الإستشهادات المقتبسة من تاريخ الفلسفة كالرد على السوفسطائيين            و إستثمار مثال الكهف عند أفلاطون كما جاء التشبيه و الإستعارة .
و ما نستنتج من هنا من خلال إستعراض هذه الأوهام التي نعثها بيكون لأسماء فضاءات مكانية (كهف ٬ سوق ٬ مسرح) تعمل على إعاقة العقل البشري للوصول إلى الحقيقة و إنتاج معرفة موضوعية لكن السؤال الذي يطرح هنا هل الوعي الإنساني قادر على تحصين ذاته من هذه الأوهام ؟
يحيلنا هذا السؤال على مقاربة ألتوسير للإيديولوجيا بإعتبارها شكل من أشكال الوهم و تمثلات لا تْْمت للوعي بصلة رغم أنها تعايش و تؤثر على العقل البشري [ فليس وعي الناس بواقعهم المادي و حياتهم الإجتماعية هو الذي يحدد الإيديولوجيا كما تذهب إلى ذلك الفلسفة الماركسية ] لأن الإيديولوجيا لا تعبر على العلاقات الموضوعية للناس مع ظروف عيشهم بل تعبر عن الكيفية التي يعيشون بها علاقاتهم مع تلك الظروف.






16 التعليقات:

  1. التصور و الواقع في خانة الوهم و الحقيقه هي الوهم المتحقق و الذات مصدر الوهم أي التوهم بعينه.الوعي في أي موضع هو مظهر للذات في الموضع.بموجب إستعداد و قابلية و ظرفية الموضع.و لو كانت أصحية مفهوم ما مطلقه فلا يمكن سريانها على كل البشر لإختلاف الذهنيات التي هي مظاهر مختلفه و حتميه للذات و هذا واقع الحال.

    ردحذف
  2. والله إن هذا جميل جدا . شكرا

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا 🙂😍

    ردحذف
  4. اتمنى إضافة نص ديفيد هيوم حول الوعي بالإدراك الحسي 😊 وشكرا جزيلا

    ردحذف
  5. Merci poucoup ❤💙💜💛💚💔💓💖👍👍👍👍👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏👏

    ردحذف
  6. ❤❤❤❤❤❤❤👍👍👏👏👏👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌💓💓💓💓☺😚😚😏😍

    ردحذف
  7. ❤❤❤❤❤❤❤👍👍👏👏👏👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌👌💓💓💓💓☺😚😚😏😍

    ردحذف
  8. 💓عافاك ما يخالف الأطروحة و الحجج للنص إيمانويل كانط

    ردحذف

 
جميع الحقوق محفوظة لــ باك Cours
تعريب وتطوير ( كن مدون ) Powered by Blogger Design by Ivythemes